آخر المواضيع

‏إظهار الرسائل ذات التسميات سيد المرسلين. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات سيد المرسلين. إظهار كافة الرسائل

النور الخاتم

كان الأنبياء يبشرون بآخر الرسل ، ويخبرون أنه سيجىء فى آخر الزمان نبى لا نبى بعده، وتحققت البشرى الكريمة، وجاء محمد ليقول: " مثلى ومثل الأنبياء من قبلى كمثل رجل بنى بيتًا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة فى زاوية من زواياه، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له، ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟ فأنا تلك اللبنة، وأنا خاتم النبيين" [متفق عليه].
فالإسلام صرح عظيم ساهم فى بنائه كل نبى من أنبياء الله.
وكان فضل الله على نبيه عظيمًا، فقد آتاه من أنعمه ما لا يحصى، ولأجل ذلك أسرعت إليه الأفئدة السوية من سادات الأقوام وضعفائهم، وجاء إليه الرجال الأطهار من الأنصار أهل المدينة يطلبونه؛ ليخرج إليهم، ويبايعونه على أن يخوضوا معه الصعاب لترتفع راية الإسلام.
ووقف رسول الله وهو يحمل أشرف رسالات السماء إلى الأرض، ويصعد بأصحابه إلى مراقى الكمال، حتى كان منهم علماء الدنيا وقادتها ورجالها، ولم يهدأ رسول الله لحظة منذ حمل الأمانة، وحتى اللحظات الأخيرة من عمره المبارك، لما ثقل به الوجع جعل يحاول الخروج للصلاة مع أصحابه، لكنه كان لايستطيع، فيطلب ممن حوله أن يصبوا عليه ماء فيفعلون، فيفيق، فيكون أول سؤاله: "أصلى الناس؟" فيقال له: لا، هـم ينتظرونك يا رسول الله. فيطلب أن يصبوا عليه الماء، ليفيق من مرضه، ويحاول مرة بعد مرة فلا يستطيع، كل ذلك والناس منتظرون فى المسجد لا يستطيعون مفارقته قبل أن يروا حبيبهم وزعيمهم وقائدهم، لكنه لا يخرج، فقد اشتد به الوجع، وأمر أبا بكر أن يصلى بالناس.
وفى الأيام التالية، وجد فى نفسه خفَّة، فخرج لأصحابه فى صلاة الظهر متوكئًا على ابنىْ عمه الفضل بن العباس وعلى بن أبى طالب، وجلس على أول درجة من درجات المنبر، وقال: "إن الله خير عبدًا بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ذلك العبد ما عند الله" [أحمد]. فبكى أبو بكر الصديق ووقف الصحابة يتعجبون لبكائه.
لكن أبا بكر كان قد فهم ما لم يفهمه الصحابة؛ لقد فهم أن العبد المخير هو رسول الله وأن اختيار رسول الله لما عند الله يعنى قرب الفراق. وصعدت روح رسول الله إلى الرفيق الأعلى فى هذا اليوم، فتزلزلت نفوس الصحابة حتى وقف عمر بن الخطاب يهدد من يذيع الخبر قائلا: زعموا أن محمدًا مات، وإنه والله ما مات، لكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى، والله ليرجعن رسول الله حقّا.
وجاء أبو بكر الصديق فدخل على رسول الله، وتحقق من الخبر، فقَبَّل جبين رسول الله قائلا: بأبى أنت وأمى يا رسول الله، طبت حيًا وميتًا وانقطع لموتك ما لم ينقطع لموت أحد من العالمين.
ثم خرج إلى أصحابه يعيد صوابهم قائلا: أيها الناس من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حى لا يموت. ثم تلا عليهم قول الله: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِين )[آل عمران: 144] [والحديث رواه أحمد].
وهنا رجع الصحابة إلى رشدهم، فقد فهموا أن الله قد اختار حبيبه إلى جواره، وأن الأمانة لا زالت فى أعناقهم، وأنهم كى يلتقوا به ثانية لابد أن يكونوا على طريقه حتى يكون الملتقى فى الجنة إن شاء الله.
تُرى كيف سيكون تاريخهم وتاريخ من بعدهم؟ هذا هو حديث الكتاب.

السر في إسم محمد صل الله عليه وسلم



حين ولد الرسول صل الله عليه وآله وسلم أقام جده عبد المطلب مأدبة دعى اليها كل أفراد قبيلة قريش الذي أكلوا من عقيقة النبي صلى الله عليه وآله وسلم
وسألوا عبد المطلب : ماذا سميته؟
فقال سميته محمدا..

فنظر الناس إلى بعضهم بدهشة لأن الإسم غريب على آذانهم لم تعرفه العرب قبل ذلك ،
وكأن الله تبارك وتعالى ادخر هذا الإسم وألهم عبد المطلب به ليقع أمرا مكتوبا في اللوح المحفوظ منذ خلق آدم عليه السلام

أن نبي آخر الزمان اسمه محمد، وعبد المطلب لم يوح اليه .

وسألته قريش: لم رغبت عن أسماء آبائك ؟

فقال أردت أن يحمده الله في السماء ويحمده أهل الأرض في الأرض .

هناك ملايين المسلمين اسمهم محمد لكن أحدا منهم لم يفكر في معنى اسمه ولم يحس بمعناه.

النبي صل الله عليه وآله وسلم يعلق على اسمه في حديث بالبخاري يقول :
".. أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي وأنا الحاشر وأنا العاقب." رواه البخاري ومسلم ..
فما معنى كلمة محمد؟؟

محمد من صفة الحمد وهو الذي يحمد ثم يحمد ثم يحمد ، فلا يحمد مرة واحدة فقط من عظمة أفعاله ، إنما يحمد كثيرا فصار محمدا.

وماذا يعني أحمد ؟؟
هو أحمد الحامدين على الإطلاق فلا أحد يحمد الله مثله .

وبهذا فإن محمدا تحمده الناس كثيرا على أفعاله وأحمد هو أعظم من حمد الله,

من فضل الصلاة على النبي

رَوَى الحافِظُ السَّخَاويُّ وغيرُه أنَّ النبيَّ صلّى اللهُ عليه وسلّم قالَ:"مَنْ صلّى عليَّ عَصْرَ يومِ الجُمُعَةِ ثمانينَ مرّةً غَفَرَ اللهُ لهُ ذنوبَ ثمانينَ عامًا". وصِيغَتُها عَصْرَ يومِ الجمعةِ:
"اللهُمَّ صلِّ على محمّدٍ عبدِكَ ونبيِّكَ ورَسُولِكَ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ". وقيل بدون لفظ ورسولك

ومعنى غفر له ذنوب ثمانين سنة أى ولو لم يعش ثمانين سنة لو فعل ذنوبا تقدّر بذنوب من عاش ثمانين سنة تغفر له


وروى الحافظ السّخاوىّ وغيره أنه صلى الله عليه وسلّم قال :من صلّى علىّ يوم الجمعة مائة مرة قضى الله له مائة حاجة ثلاثين لدنياه وسبعين لآخرته


ونم على وضُوء وأنت تصَلّي على رسول الله ومن رآه في منامِه كانَ لهُ البُشرَى بالوفاةِ على الإيمان

المعجزات المعنوية لرسول الله عليه الصة والسلام

اعظم المعجزات إطلاقا ، معجزة إنزال القرآن الكريم على رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ن فهو أبهر الآيات ، وأبين الحجج الواضحات ن لما اشتمل عليه من التركيب المعجز ، الذي تحدى به الله عز وجل الإنس والجن أن يأتوا بمثله فعجزوا عن ذلك ، على الرغم من فصاحة العرب وبلاغتهم ، ثم تحداهم بعشر سور منه فعجزوا ، ثم تحداهم بسورة واحدة من مثله ، فعجزوا ، وهم يعملون عجزهم وتقصيرهم ، وأن هذا مالا سبيل لأحد إليه أبدا ، فلن يستطيع أحد على وجه الأرض أن يأتي ولو بآية واحدة من مثله قال الله تعالى

قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا (1) . صدق الله العظيم 2

وزعم الكافرون كما يزعم كثير من أعداء الإسلام اليوم ، أن القرآن الكريم هو من ابتداع رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو من البشر وهم أيضا من البشر ، فإن كنتم أيها الكافرون ، واثقين مما تقولون فأتوا بحديث من مثله . يقول الله عز وجل

أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون . فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين 6

فالقرآن الكريم ، أوحى به الله عز وجل عن طريق جبريل عليه السلام إلى النبي العربي الأمي ، الذي كان لا يحسن الكتابة ، ولا يعلم شيئا عن أخبار الماضي فقص الله تعالى عليه خبر ما كان ، وما هو كائن ، وأني لرسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم أن يعرف ما كان قبل مئات بل آلاف السنين ؟ يقول الله تعالى

تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين 7

ففي هذا القرآن العظيم من الأخبار الصادقة عن الله وملائكته وعرشه ومخلوقاته العلوية والسفلية كالسماوات والأرضين وما بينهما ، وعن حوادث علمية كثيرة أثبتها العلم الحديث ، ما يبرهن على أن هذا القرآن من كلام الله عز وجل . يقول الله عز وجل

ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون . قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون 8

ولعل وصف رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، للقرآن الكريم ، يغني عن كل وصف . يقول عليه الصلاة والسلام : (( كتاب الله فيه نبأ من قبلكم ، وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم هو الفصل ليس بالهزل ، من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله ، هو حبل الله المتين ، وهو الذكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم ، وهو الذي لا تزيغ {9} به الأهواء ، ولا تلتبس به الألسنة ن ولا يشبع منه العلماء ولا يخلق {1.} على كثرة الرد ، ولا تنقضي {11} عجائبه ، وهو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا : ( إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ... ) من قال به صدق ومن عمل به أجر {12} ، ومن حكم به عدل ن ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم )) {13} . ونخلص من ذلك إلى أن القرآن الكريم هو : كلام الله المعجز المنزل على خاتم الأنبياء والمرسلين ، بوساطة الأمين جبريل عليه السلام ن المكتوب في المصحف ، والمنقول إلينا بالتواتر ، المتعبد بتلاوته ، المبدوء بسورة الفاتحة ، المختتم بسورة الناس . وهكذا فالقرآن الكريم هو المعجزة الخالدة التي تتحدى الأجيال والأجيال والأمم على مر الأيام والزمان . وسيرة رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، وأخلاقه وأقواله وأفعاله من معجزاته ودلائل نبوته ن فإنه عليه الصلاة والسلام كان من أشرف أهل الأرض نسبا ، فهو من سلالة إبراهيم عليه السلام الذي جعل الله في ذريته النبوة والكتاب ودعا إبراهيم لذرية ولده إسماعيل بأن يبعث الله فيهم رسولا منهم ، والرسول ، صلى الله عليه وآله وسلم من قريش صفوة بني إبراهيم ، ومن بني هاشم صفوة قريش ، ومن مكة أم القرى ، وبلد البيت الذي بناه إبراهيم ، وحج إليه الناس وما يزالون ، والرسول ، صلى الله عليه وآله وسلم من أكمل الناس تربية ونشأة ، لم يزل معروفا بالصدق والبر ، ومكارم الأخلاق ، والعدل ، وترك الفواحش والظلم ، مشهودا له بذلك عند جميع من يعرفه قبل النبوة ، ومشهودا له بذلك عند جميع من آمن به ومن كفر بعد النبوة ، لا يعرف له شيء يعاب به ، لا في أقواله ، ولا في أفعاله ، ولا في أخلاقه . وهو إلى جانب ذلك ، كان حسن الصورة والخلق ، وكان أميا من قوم أميين ، لا يعرف هو ولا قومه ما يعرفه أهل الكتاب من التوراة والإنجيل ، وعندما بلغ الأربعين من عمره ، أتى بأمر هو أعجب الأمور وأعظمها ، وبكلام لم يسمع الأولون والآخرون نظيرا {14} له ، ثم أتبعه ، أتباع الأنبياء ، وهم ضعفاء الناس ، وكذبه أهل الزعامة والرياسة وسعوا في هلاكه وهلاك من أتبعه ، والذين اتبعوه ، لم يتبعوه لرغبة أو رهبة ، فإنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن غنيا ولم يطلبه ، ولم يكن ظالما ذا سطوة ، وإنما ذاقت قلوبهم حلاوة الإيمان ، فصبروا على الأذى كما صبر معهم رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، إلى أن اجتمع بأهل يثرب ، فآمنوا به وبايعوه على هجرته وهجرة أصحابه إلى بلدهم ، وعلى الجهاد معه ضد المشركين ،حتى ظهرت الدعوة في جميع أرض العرب ، التي كانت مملوءة بالأوثان ، ومعروفة بسفك الدماء المحرمة ، وقطيعة الأرحام {15} ، لا يعرفون آخره ولا بعثا ، فصاروا في ظل راية الإسلام ، أعلم أهل الأرض وأعدلهم وأفضلهم ، ومات رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم

كل نفس ذائقة الموت 16

مات ولم يخلف درهما واحدا ولا شاة ولا بعيرا ، إلا بغلته وسلاحه ودرعه . مرهونة عند يهودي على ثلاثين وسقا {17} من شعير ، اشتراها لأهله طعاما لهم ، وهو إلى جانب ذلك ، يخبر قومه بما كان وبما يكون ، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ، يحل لهم الطيبات ، ويحرم عليهم الخبائث ، ويكمل الشريعة شيئا بعد شيء حتى أكمل الله تعالى دينه الذي بعث به

اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا 18
 




السيده خديجة بنت خويلد أولى زوجات الرسول

وفعلاً توسطت بعض النساء عند النبي صلى الله عليه وسلم ليتزوج من خديجة بنت خويلد وتزوجها وعاشت أسعد ما يكون الزوجان رغم أن خديجة لم تكن بالبكر ولم تكن بالصغيرة السن قالوا أنها كانت تكبره بنحو خمسة عشر عاماً وكانت متزوجة من قبله وكان لها أولاد من زوجها السابق ومع هذا عاش النبي صلى الله عليه وسلم معها سعيداً فقد كان زواج إنسان لإنسانة، لم يكن ينظر إلى مالها ولم يكن ينظر إلى سنها وكانت هي أول ما شَدَّ على يده وربت على كتفه ووقف بجانبه يشد أزره ويسند ظهره عندما أتاه الوحي، أول ما أتاه الوحي في غار حراء في السابع عشر من رمضان وكان عمره أربعين سنة صلى الله عليه وسلم ورجع خائفاً يرتعش ويرتجف ويرجف فؤاده مما حدث بينه وبين جبريل، يأتي إلى زوجه يقول: زملوني زملوني ـ غطوني غطوني ـ يشعر ببرودة وحكى لزوجته ما جرى، فماذا فعلت خديجة؟ لو كانت امرأة كالنساء الجاهلات لخافت عليه أن تكون العفاريت قد ركبته أو الشياطين أو غير ذلك ولكنها قالت له في ثقة المؤمنة وإيمان الواثقة، قالت بسلامة الفطرة ورشد الإنسانة العاقلة قالت: والله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الدهر، والله لا يخزيك الله أبدا، عرفت من سنن الله في خلقه أن مثل هذا لا يمكن أن يخزيه الله ولا يمكن أن يتركه للشياطين أو العفاريت ولم تكتف بهذا وأرادت أن تؤكد موقفها منه وذهبت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل وكان من الذين قرءوا الكتب القديمة التوراة والإنجيل وغيرها وقص عليه قصته فقال: هذا الناموس الذي أنزله الله على موسى، هذا هو القانون الإلهي والوحي الإلهي الذي أنزله الله على موسى وليتني أكون حياً حينما يُخرِجك قومك فأنصرك نصراً مؤزراً قال عليه الصلاة والسلام: "أَوَمُخرِجِيَّ هم؟!" قال ببراءة الإنسان المخلص الذي لم يمس قومه بسوء وعاش محبباً بينهم أميناً صادقاً: أومخرجي هم؟!، ولماذا؟ فقال له: ما جاء أحد قط بمثل ما جئت به إلا عودي .. لابد أن يعادى (وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين وكفى بربك هادياً ونصيراً) هذه هي نشأة محمد صلى الله عليه وسلم وهي نشأة دالة أصدق الدلالة على أنه رجل تُعِدُّه العناية الإلهية لعبء عظيم ولرسالة كبرى هي الرسالة التي أخرجت الناس من الظلمات إلى النور التي ابتعث الله أهلها ليخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.. وإن شاء الله سنكمل الحديث عن محمد صلى الله عليه وسلم

الصادق الامين


كان أهل الجاهلية يسمونه "الأمين" إذا حضر في مكان قالوا: أفسحوا المجال للأمين، الأمين قادم، الأمين ذاهب، بهذا اللقب "الأمين" وذلك لأنه كان أميناً حتى أنهم بعد أن جاء بالدعوة وبعد أن قام بينه وبينهم ما قام من خصومة أدت إلى الحروب رغم هذا كله ظل خلال ثلاثة عشر عاماً في مكة وأهل مكة لا يجدون إنسان يأتمنونه على أنفس ودائعهم وأغلى ما عندهم إلا محمداً، يضعون ودائعهم النفيسة عنده، وكان عليه الصلاة والسلام عند حسن الظن فلما هاجر إلى المدينة كان يمكن أن يقول هؤلاء الناس آذوني وأصحابي وأخرجونا من ديارنا بغير حق إلا أن نقول ربنا الله ولابد أن نأخذ هذه الودائع، لا.. ولكنه رد الودائع أبقي علي بن أبي طالب بعده وأمره أن يرد الودائع إلى أهلها، لم يجرَّب على محمد صلى الله عليه وسلم خلال نشأته كذبه في أمور الحياة، لم يكن ليكذب مرة واحدة ولذلك حينما بعثه الله بهذه الرسالة وأمره أن ينذر عشيرته الأقربين وأن يبلِّغ قومه هذه الدعوة ذهب إلى الصفا ووقف على هذه الهضبة ونادى بطون قريش: يا بني عبد مناف .. يا بني مخزوم .. يا بني عدي .. يا بني فلان .. يا معشر قريش، اجتمع الناس عليه من كل حدب وصوب وقال لهم: أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدِّقِيّ فنظروا وقالوا: نعم، ما جربنا عليك كذباً، أي قال لهم لو رأيت جيشاً قريباً وراء هذا الوادي قد جاء بقضه وقضيضه وأسلحته يريدون أن يغيروا عليكم أكنتم مصدقين مع أنكم لم تروا أي دليل على هذا، قالوا: نعم ما جربنا عليك كذباً، قال: فإني رسول الله إليكم خاصة وإلى الناس كافة، لم يستطيعوا أن يقولوا شيئاً بعدما أقروا أنهم لم يجربوا عليه كذباً قط إنما الذي وقف في وجهه وتحداه هو عمه أبو لهب الذي قال له: تباً لك سائر هذا اليوم ألهذا جمعتنا؟! تجمع هذه الجموع كلها لتقول هذا الأمر .. وكأن هذا الأمر لا يستحق وأنزل الله دفاعا عن رسوله (تبت يدا أبي لهب وتب * ما أغنى عنه ماله وما كسب * سيصلى ناراً ذات لهب * وامرأته حمالة الحطب * في جيدها حبل من مسد).

تعهَّد الله محمداً بالعناية والرعاية

نشأ محمد صلى الله عليه وسلم كما يقولون عصامياً، رجل يحفر في الصخر ويبذل ما يبذل ليحصل على العيش الكريم على اللقمة الحلال، دون أن يكون أسيراً لإحسان أحد، هكذا نشأ محمد بن عبد الله وكان في نشأته هذه موضع التقدير وموضع الاحترام والرعاية من مجتمع مكة كله، كان صادقاً لا يكذب أميناً لا يخون ثابتاً لا يتلون، مؤمناً بقيم يرعاها لم يُعرف عنه أنه شرب خمراً والخمر مباحة متاحة، لم يُعرف أنه غازل امرأة أو عاكس فتاة أو سار وراء غادة أو اشترك في لهو من ملاهي الجاهلية وكل شيء في الجاهلية كان مباح .. الخمر كانت مباحاً والميسر كان مباحاً والزنا كان موجوداً سواء كان سِفاحاً أو اتخاذ أخدان، كل هذا كان موجوداً، ولكن محمداً صلى الله عليه وسلم كان أبعد الناس عنه، الله تعالى يُعدُّه لرسالة ولذلك تعهَّده بالعناية والرعاية منذ صباه، فلم يشارك في لهو الجاهلية بشيء حتى أنه مرة فكر أن يحضر عرساً من الأعراس ويمارس الحضور مع بعض الشباب ولكن قال: "إن الله ضرب عليَّ النوم فلم استيقظ حتى طلعت الشمس" حتى هذه الفكرة لم تتم، أراد أن يحفظه طاهراً مطهَّراً مبرَّءاً ولذلك حينما قامت الدعوة وقامت المعارك بينه وبين أهل الجاهلية وبين أهل الشرك من قريش واشتد الخصام واحتد الجدال لم يستطع واحد منهم أن يقول عنه كلمة في شبابه وصباه، لم يقل: أليس هذا الذي كنا نعرف عنه كذا وكذا، لا .. ما استطاع أحد أن يمسَّه بسوء فقد كان مبرءا من كل عيب بشري، كان طاهر السيرة نقي السريرة، محموداً في حياته كلها وهذا ما جعل القرآن الكريم يقول الله تعالى له (وإنك لعلى خلق عظيم) محمد عليه الصلاة والسلام نشأ هذه النشأة.

نشأة محمد صلى الله عليه وسلم


كان محمداً عليه الصلاة والسلام من صغره مثالاً عاليا للأخلاق الكريمة، للإنسان الفاضل، أراد الله عز وجل أن ينشئ هذا الإنسان الذي يُعَد ليحمل أعظم رسالة في التاريخ، أراد الله أنينشئ يتيم الأب أن يموت أبوه وهو في بطن أمه حتى لا يتكل على أحد من صغره فنشأ يتيماً كما قال الله له (ألم يجدك يتيماً فآوى) وكانت أمه تربيه وتحتضنه وتحوطه بعنايتها ورعايتها وعطفها في السنين الأولى، ست سنوات ثم شاء الله لها أن تلحق بأبيه أيضاً، فقد أباه وهو في بطن أمه وفقد أمه وهو في السادسة من عمره، وكفله جده عبد المطلب سيد مكة الذي كان يحبه كل الحب ويرعاه كل الرعاية ويتفاءل بمستقبله ويتنبأ له بمستقبل عظيم، هذا الجد مات أيضاً وهو في الثامنة من عمره فكفله عمه أبو طالب شقيق أبيه وكان رجلاً كثير العيال قليل المال، وهذا ما جعل محمداً صلى الله عليه وسلم لا يعتمد على عمه كل الاعتماد خصوصاً بعد أن شب عن الطوق وأصبح في مقدرته أن يعمل فبدأ يعمل، بدأ يعمل في رعاية الغنم، هذا مجتمع محدود ليس فيه وظائف وليس فيه أعمال كثيرة، هي أعمال محدودة منها رعاية الغنم، لقد أراد الله له بهذه المهنة أن يتعلم الرفق وكيف يسوس القطيع، وكيف يصبر على شظف العيش، على حر النهار في الصيف وعلى برد الليل في الشتاء وعلى هذا الجو، أراد الله له أن يعتمد على كدِّ يمينه وعلى عرق جبينه، لا يعتمد على شرف نسبه وأصالة حسبه فهو ابن قريش وابن بني هاشم وحفيد عبد المطلب، كان يمكنه أن يقول كيف لمثلي أن يشتغل برعاية الغنم، أنا ابن الذئابة من قريش وهاشم أرعى الغنم ولكنه وجد الشرف في ممارسة العمل لا في أن يمد يده إلى الآخرين أو يعيش عالة على عمه رقيق الحال كثير العيال بل أراد أن يقوم بجهده فيما تستطيع أن تفرزه البيئة من أعمال مناسبة لمثله.